جزيرة على ضفاف الفقر

حينما يسمع الناس اسم جزيرة، تداعب مخيلتهم المناظر الطبيعية الخلابة إلا جزيرة الكريمات، فيعرفها الناس بالفقر المدقع وكأن الفقر يحيط بسكانها من جميع الجهات، كما تحيط مياه نهر النيل الجزيرة.

بدأت رحلتي إلى بلدة الكريمات التي انتظرت فيها لفترة حتى نذبح الأضحية التي بدت وكأنها سعيدة كأنها تعرف مصير اللحم الذي بداخلها إلى أين سيذهب، بعد ذلك وضعنا المساعدات الغذائية واللحوم على العربات المتجهة إلى هذه الجزيرة.

تحرك السائق بسرعة جنونية وهو يطلق بوق سيارته فيتردد صدى صوته في شوارع البلدة. ولا يلتفت السائق لصياح المارة وغضبهم فكل ما يشغله هو اللحاق بتلك العبارة المنطلقة إلى هذه الجزيرة وإذا بسائق العبارة يتوقف وينتظره فهو يعرف تمامًا صوت بوق هذه العربة التي دائمًا ما تأتي بالخير لأهل الجزيرة.

و هناك نوعان من الركاب على متن تلك العبارة سكان الجزيرة الذين يتركونها سعيًا وراء رزقهم ليعودوا إليها في المساء عند انقضاء حاجتهم، وسيدات الجزيرة اللاتي يحملن البرسيم على ظهر الحمير لبيعه في بلدة الكريمات والذين يصرخون بسائق العبارة كي يتأكد من صعود كل الحمير إلى العبارة دون أن يترك واحدًا منهم حتى لو امتلئت العبارة فوق حمولتها.

وأخيرًا عبرت إلى الجزيرة باحثًا عن الدليل الذي يعلم شئون هذه الجزيرة لأنه أحد ساكنيها و لكنه ميسور الحال. وعندما دخلت البيت الأول في الجزيرة وجدت أسرة في غاية الإحتياج ولكنهم في الوقت ذاته يتحلون بالإيثار وعزة النفس فعندما قدمنا لهم الطعام، أوصونا بأخذه إلى أسرة أخرى لأنهم يستحقون الطعام أكثر منهم.

وعندما دخلت بيوتًا أخرى وجدت على وجوههم إبتسامة رضا وكأنهم دعوا الله أن يرزقهم بهذا الطعام فهم لم يتذوقوا اللحم منذ مدة كبيرة لا يستطيعون حتى إحصائها واستجاب الله لهم في النهاية.

والصفة التي أدهشتني في أهل هذه الجزي